أن تفتح قلبك



١٦ نوفمبر ٢٠١٩

(١

”على شاطىء تشيسل عرفت فلورنس المغرقة في الكتمان، الممتلئة بالحب تجاه إدوارد، وفي الآن ذاته غير قادرة على مصارحته بما يثقل على نفسها ويعكر أجمل لحظات حياتها. كيف يحدث هذا، تمضي في الحياة حاملا أعباء ثقيلة من الأفكار، تخشى أن تنفجر مخلفة كوارث حالما تطلق عقالها. كيف يحدث أن تنعدم ثقتك بالآخرين، حتى أقرب الناس، حتى أنك تخشى البوح لهم بما يثقل كاهلك، تخشى لومهم. تخشى عدم فهمهم. تخشى رفضهم. تخشى خذلانهم. فلورنس صارعت نفسها و ”أعادت اختراع الوجود“ ونطقت أخيرا بالأمر الذي أثقل كاهلها. وخذلها إدوارد. أتساءل إن كانت حقا شعرت تجاهه بالحب وهي تبتعد عنه في لحظة الخذلان تلك؟ وهل احتفظت بحبه في تلك السنوات الأربعين بعد فراقه، وهي تعرف أنه خذلها. أنها كشفت له أشد أوجه روحها ضعفا وهشاشة، وأنه بدلا من احتوائها، قبولها كما هي، التأكيد على محبتها، تركها تذهب. خذلها.

متعلما من مصير فلورنس، تستمر في الكتمان، والإلتفاف بعيدا عن لحظات ضعف البوح، ولو كلف الأمر احتمال ثقل الصمت، حمل تلك الحدبة غير المرئية على ظهرك وفي روحك، سائرا عبر الحياة، تفاديا لما هو أسوأ: خذلان الأقربين، وخسارتهم

تعرف أنه بعد أن تفتح له باب قلبك وتكشف له عارك ونقطة ضعفك، لا تلك الجسدية، بل تلك التي مخبأة في الروح، هناك احتمال، قد يكون ضئيلا، قد يكون شديد الضآلة، أنه قد يخذلك. وتعرف أيضا: لا يبرأ المرأ من هذا، ولا تستقيم العلاقة بمن خذله بعدها. إنها لحظة يتغير عندها المصير، إما أن تصير تلك العلاقة الأمتن التي تتكأ عليها غير خائف من شيء في الحياة، وإما أن تميد بك الأرض، لا تخسر فقط الرفيق والحبيب، بل الثقة في العالم. من يقدر على هذه المخاطرة؟

على شاطيء تشيسل كان يستطيع مناداة فلورنس، كان يستطيع اللحاق بها، لكنه لم يعرف، أو لم يهتم بأن يعرف أنها حين كانت تفر منه واثقة أنها في محنتها على وشك خسارته، لم يسبق لها أن أحبته لهذه الدرجة، أو كانت يائسة بهذا القدر، وأن صوته كان لينقذها ويجعلها تعود.“ - على شاطئ تشيسل / إيان مكيوان


****


١٧ نوفمبر ٢٠١٩

(٢)

ولكن هل أخطأت فلورنس بإعترافها لإدوارد؟ طبعا لا. لقد كانت فلورنس شجاعة، بإختيارها الفعل الصواب، في نهاية المطاف. هل فعلت هذا لتحرر نفسها من الثقل؟ من الشعور بالذنب؟ لتجنيب نفسها المزيد من مكابدات اخفاء حقيقة ما تشعر به وترغب به؟ ربما كل هذا، لكنها أيضا، اختارت الاقتراب خطوة من حبيبها، بنزع الستار الأخير عن سرّها ومشاركته إياه.

إذا لم أقل هذه الأشياء الآن، سنستمر بالمعاناة، سوف يسبب لك هذا الأمر الكثير من التعاسة، ولي أيضا.“ - على شاطئ تشيسل / إيان مكيوان

(من أجل أن يكون ناجحا في العلاقات، على المرء أن يترك نفسه مكشوف/غير محصن عاطفيا. يتقارب الناس عندما يفتحون قلوبهم لبعضهم، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بالجرح وأذى الروح.) - Franklin Veaux / بتصرف 


نعم إنها مخاطرة، وهو موقف حرج وحساس، لكنك لأجل الأمور الأكثر أهمية في الحياة بالنسبة لك، ومن أجل الشخص الأكثر قربا من روحك، ومن أجل سلام روحك بالذات، قد تفعلها، مثل فلورنس، وتغامر بأذى روحك، حين تكشف قلبك وتجازف، آملا أن الآخر سيكون درعك، الآن وإلى الأبد

لأجل أن لا تأرق في الليالي متسائلا ماذا لو، ولأجل أن لا تقف في هزيع متأخر من الحياة لتطالع حياة ضاعت منك بسبب صمتك، تخاطر بروحك، لأجل سلام روحك

ربما يخذلك، لكن المهم، أن لا تخذل نفسك

تعليقات

المشاركات الشائعة